شخصية وحوار
بقلم: أمال السعدي
على مدى اللوحات يحملنا السرب لنلتقي بشخصيات عززت نص الحوار، شخصية تعرفت عليها ربما بالصدفة، اتصال ودي عزز رغبة التواصل الأدبي لعل بنا يوم نحرر سبل المسار في عالم الحرف، شخصية تعددت به أشكال العطاء، مرتحل بين المعلومة والخبر والشعر وبين تحرير قصص الحياة، نغترب بات ينادي ذاك الماضي ويحلق به في كل اليوميات، حسب السنين وعمق التقديم رغم كل المتاهات، الشخصية التي حاورتها قبل أيام هو الأستاذ الإعلامي الباحث المبدع العراقي المغترب "وديع شامخ"....
س-مرحبا بك أستاذ وديع سرور أن تهبني الفرصة وبعض للقاء بك، لكل لقاء بداية و لكل بداية صورة نحقق بها الذات، كيف لك ان تعرف عن شخصكم الكريم و هويتكم؟
ج- وديع شامخ شاعر، أعلامي، باحث عراقي ولكِ موجز عن سيرتي الذاتية:
سأقسم لكِ و للقراء سيرتي عبر مراحل وفقا للاختصاصات، أولا "وديع شامخ الشاعر" أُصدِرت لي مجاميع شعرية منها:
*سائر بتمامي صوب العرس صدر عن دار المأمون عام 1995.
* مجموعة شعرية بعنوان "دفتر الماء"، صدر في بغداد دار المدى عام 2000.
*ديوان "ماي قوله التاج للهدهد" صدر عام 2008 دار التكوين دمشق.
*مراتب الوهم دار ينابيع دمشق عام 2010.
*مصور شمسي سيصدر قريبا عن دار ميتزوبوتيميا في بغداد.
*"قل ولا تقل" إصدار أتحاد الكتاب و الادباء في البصرة عام 2020.
ما صدر لي في حقل الرواية:"العودة إلى البيت" الطبعة الأولى دار ضفاف للطباعة و النشر قطر عام 2010، ثم الطبعة الثانية دار ميزوبوتيميا بغداد عام 2013،ورواية شارع الوطن رواية مخطوطة.
أما في حقل التاريخ إصداران تم نشرهم من قبل دار الاهلية للنشر في عمان، "الإمبراطورية العثمانية من التأسيس الى السقوط" عام 2003،"تاريخ الاندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط الخلافة في قرطبة" عام 2005، ناهيكِ عن العديد من الدراسات والمقالات السياسية في غالبية الصحف العراقية و العربية.
قدمت عدة من التحقيقات و الحوارية مع كم من الشخصيات،(نزهة في حدائق الوجوه) مع الكاتب محمد خضير،(رسائل السجناء السياسية)قراءة في تجربة عما نؤيل رسام في سجون العهد الملكي،(القراءة بكافة الحواس) مع الناقد سعيد الغانمي.
عملت في الصحافة و الاعلام رسميا خلال إقامتي في الأردن عام 2000،حيث اللقاءات و تحرير الاعمدة و التحقيقات في عدة من الصحف مثل(المنارة، مجلة تايكي المختصة بأدب المرأة، جريدة الزمان الدولية، جريدة الدستور الأردنية، جريدة بغداد، جريدة الوفاق، أعدت سلسلة "صور قلمية" عن شخصيات نسائية عبر التاريخ القديم و المعاصر في مختلف الحقول ادب،سياسة،فن، علوم...الخ
عملت محررا في مجلة المغطس الأردنية سكرتير تحرير ثم مدير تحرير قرابة 6 من السنوات، عملت في إذاعة عمان-نت مشرفا على تقديم و إعداد برنامج "عين على الصحافة"،أشرفت على موقع "الدستور العراقي" موثق و ممول من منظمة اليونسكو و إذاعة عمان،كان الهدف نشر العي عند المواطن العراقي إبان فترة الانتخابات البرلمانية الاولى.....
استقريت في أستراليا عام 2007 في مدينة بيرث و بقيت اعمل في المجال الإعلامي من خلال الصحافة العراقية مثل الصباح، الزمان، طريق الشعب، وبعض من المواقع الالكترونية الرصينة مثل الحوار المتمدن و بانوراما و العراقية....
في مدينة سدني في استراليا عملت رئيس تحرير مجلة النجوم مدة لا تقل عن سبع سنوات، احتل عامودي الأسبوعي موقعها في جريدة طريق الشعب تحت عنوان "ذاكرة الضوء" حاليا اعمل رئيسا لتحرير مجلة "الف ياء" في سيدني حيث أُقيم، عضو أتحاد الادباء و الكتاب العراقيين،حاصل على عدد كبير من الجوائز و الشهادات التقديرية، ثم تناول تجربتي الشعرية و الروائية من قبل العديد من الاقلام النقدية العراقية و العربية، مازلت انشر في عدد من المواقع الالكترونية و الدوريات الثقافية العراقية، حاصل على البكالوريوس في إدارة الاعمال من جامعة البصرة كلية الإدارة و الاقتصاد عام 1982،لديه شبكة علاقات مع مؤسسات و أقلام صحفية و أدبية و سياسية في استراليا و المهجر العربي و الشرق الأوسط.....
س-أستاذ وديع جميلة هي التعددية في الاختصاص، فعل وجزء عند البعض ما يميزهم عن الاخر، في حور هذه التعددية أين يحلق الأستاذ وديع في ما يقدم؟
ج-نعم انا اطير بأجنحة وارفة الاحلام، كفراشة أطوف في عالم الزهو بتعدد الألوان تبقى تنتج عسلا، تعدد الانشغالات في حقول الابداع و المعرفة و الفكر والجمال ليس بطراً تصدح روحي شعراً أنساب معها و أرفرف لجمحها، وحين يجلسني العقل على سجادة الجمال أميل إلى الحواريات و السرديات، فأنتج رواية تناسب منسوب عطشي المعرفي و الجمالي لنِتاج عالمي الخاص في رواية تمثلني بها احقق فضولي لقراءة الانسان وعلاقته الافقية و العمودية مع محيطه و هواجسه و إرهاصاته، في الرواية يتمثل أسلوبي ورؤيتي للفن الروائي بوصفه مدونة ومغامرة المثقف.
لدي عدد من شِغالات في حقول الكتب النقدية، الحوارية، التاريخية، كتب التحقيق، وكل هذه التعددية تصب في بحر عالمي الأكيد جماليا و فكريا وروحياً....
س-الأدب ألوان وأسماء تعدد بها التعبير و التمييز، كيف لنا أن نُقيم الوصف لزمان به بتنا نرى الكثير من إزهاقٍ للحرف؟ وهل تعتقد مازال هناك قدرة على توسيع دائرة التطور؟
ج-التطور سمّة للحياة بشكل عام ، ولكن مفهوم التطور يختلف لأنه يحمل بداخلة مفهوم النسبية لا الإطلاق ، ولكل زمان دولة ورجال كما يقول المثل، أي أَن إختلاف الأنساق الثقافية لبنية المجتمعات واقع قارّ ، وأنا أعتقد أن وجود المبدعين الذين يصنعون للحياة آفاقاً جمالية في حقول الحياة ، ويقاومون سدّنة الأشكال التقليدية الهرمة ، هم يتكفلون بتحريك عجلة الحياة عبر الحوار الجدلي الجمالي والفكري مع كل المعطيات الجديدة ، لا بمحو هوية الأدب ، وإنما اغنائها بكل طاقة جديدة مختلفة ....
س- في كل يوم بتنا نحلق عبر مساحات من النصوص والأسماء، هل تعتقد أن هناك شخصيات لمعت و استحقت تملكها عالم الأدب و الصحافة اليوم؟
بصراحة تامة ،أنا لست من عبدة الشخوص، ولا من الذين يؤمنون بدور الفرد الحاسم في حركة التاريخ، والفنون والآداب، رغم أهمية الجهد الفردي الاكيدة ، أنا أؤمن بنظرية التطور الجمعي والتراكمات الكمية التي تقود الى تغييرات نوعية، والثقافة العربية اكتوت بتأثير سلبي من الدكتاتوريات السياسية والزعامات الفردية الى حقول الفنون والآداب ، فنرى إننا رسخنا مفاهيم صفات للمبدعين خارج مناطق اشتغال رسالتهم ، فهناك " عميد الادب العربي ، وهناك " امير الشعراء" وهناك " شاعر العرب الأكبر " ... الخ من توصيفات ، خارج الإبداعية تماما، لذا يجب أن نحترز تماما من سطوة اللقب على المنجز أولا وبالتالي ندرس الدور عبر سياقه التاريخي والحضاري والفكري الجمالي ، عبر فحص الأثر قبل اللقب أو الصفة.....
س-ما هي الواجهة الفكرية التي يقدمها وديع الشاعر و الصحفي؟
ج-ليس لي أي غطاء أيديولوجي محدد ، أنا مثقف مبدع وإعلامي حر ، أحمل توجهات إنسانية خالصة ، مفادها ، إن الأنسان هو مادة الحياة والتاريخ وحريته خطاً احمر ، واعني بالحرية هي " وعي الضرورة " بالمفهوم الفلسفي الماركسي ، لذا فوجهتي الفكرية فضاء شامل غير محدد ولا مؤدلج ولا وصايا عليه، مهما علا شأنها ، دينيا ، سياسيا ، قوميا ، مذهبيا .. الخ....
س-هل ترى أن إتقان الثقافة و التوسع بالمعرفة ضرورة محتمة وسمة وجوب أن يقلدهاُِ كل صاحب حرف؟ وكيف يبصر وديع مساره الإبداعي؟
ج-لقد أنتهى دور الأحادية في في دور صاحب الحرف والمبدع عموما ، انتهى عصر أن يكون الشاعر بيرق القبيلة ، والناطق الرسمي لاحقا بإسم حزب أو عقيدة ما ، لقد تداخلت الاجناس الإبداعية أولا ، وصار المبدع متوزع الإشتغالات ، يكتب في حقول مختلفة ، ليس بطريقة مجانية، أو لغرض الشهرة ومكاسب أخرى، وإنما هو دور متعدد بعد أن يكون قد تحصّل على ثقافة عميقة ورؤيا شاملة، في مساري الإبداعي ترجمت هذا التنوع كما هو جوابي عن السؤال الأول حين طرحت سيرتي الذاتية ونتاجي في مختلف الحقول.....
س-لو طلبت منك أن تقدم لي عملا من اعمالك ما تختار و في أي المجالات؟
قلت سابقا انا متعدد الإشتغالات ، فإن تقصدي الشعر ، وهو مشروع عمري ، فسوف أختار آخر مجموعة شعرية لي صدرت عن الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق – المركز العام عام 2022، وهي مجموعة " لا وارث لي " .. لانها التجربة التي تحمل إرهاصتي الشعرية والإنسانية بعد تجارب سبع منجزة في مجاميع سابقة....
س-خبرتي تقول أن المفكر و الأديب يمتلك شخصيتين، واحدة يواجه بها الناس و الأخرى صورته التي يعايشها من خلال يومياته الفعلية، هل تعتقد أن هذا الرأي صحيح أم التجربة كانت سبباً لوديع في رسم توجه اخر؟
ج-سأعيد صياغة جوابي بطريقة آخري ، ونعود للغة كجوهر واداة للتواصل الاجتماعي والتعبير الجمالي ، فهناك مستويان للغة كما يشير لها الدرس اللساني " واحدة بوصفها وسيلة نفعية ، استعمالية ، وهي ما يستخدمها الناس اجمعين في التواصل الاجتماعي ، وهذا وجه الأديب الأول ، وهناك جانب استعاري و وظيفة جمالية للغة وهي استعارية تُعنى بإنتاج النص الجمالي ، الفكري وهذا هو الوجه الأخر للمبدع "......
س-هل الغرور والتعالي صفة لابد منها في عالم الأدب و الفن؟ أم هناك تفصيله أخرى تشكل السبب في ترجمة الفعل غرور؟
ج-أبدا ً ابداً، الدرس الإبداعي عموما هو أن تكون إنسانا أولا قبل أن تكون مبدعاً ، وأعني بالإنسانية هي الروح الفاعلة والحرة ، المنتصرة للإنسان ، المُبشرة بالمحبة والسلام والتعايش.
ولكن هناك شعرة خطيرة في الخلط بين الكبرياء وعزة النفس وربما العزلة الإبداعية وبين الغرور والتعالي ، وتلك شفرة لا يدركها إلا المبدع الإنسان والمجتمع النقي من الوشايات الأخلاقية البعيدة عن التمييز بين هاتين الصفتين.....
-قبل الختام أبحث عن كلمتك الأخيرة من خلال قطعة أدبية أو ربما رسالة راغب في تأكيدها، ولك الاختيار في أن تختم لقائنا بقطعة أدبية أخرى من نصوصك....
ج-مسك الختام هو الشكر لك ،لإنك اثرتي في كوامن حوارية، نفتقدها في الحواريات العميقة، ولابد أن يكون الختام شعريا......
بين طفلين
دهشةٌ وعروشٌ وغابةٌ
.........
طفلٌ ساخنٌ يخرج من أبجديّة الرّحم
بتاجٍ وناموسٍ وكتاب..
وطفلي يخرج بلا مشيمةٍ ولا وصايا
له دهشةٌ عامرةٌ
ورعشةُ السؤال
...
طفلٌ يكتب سِفر الحكمة
وطفلي يلتقم حلمة الثدي ببراءةٍ
...
طفلٌ ينوب عن العمر كلّه
ويبني ستاراً من جلود الحيطة على أرواحنا
يُطلق جنوداً من عسلِ المكيدة ..
وطفلي
يشير بسبّابته إلى عري الإمبراطور
......
طفلٌ يُلقّن الحياة درساً
ينهش عظمها بالكراسي ،
والمقامات ..
وطفلي
حالمٌ في زرقة الحياة
..........
الطّفلُ الساخنُ جدّاً
يبري العصا ، ويثقب القصب ، ويبتكرُ قطيعاً
طفلي
لا قِبلة لقلبه
......
طفلٌ يهذي بمديح التّاج
وطفلي
يضحك ملءَ بنفسج الحلمِ
...
طفلٌ حكيمٌ حتى التّخمة
عاقلٌ حدّ المكيدة